كيف يكون تأثير الإعلام على السلوك البشري

كان
للإعلام الأثر الواضح على السلوك الفردي والسلوك الجماعي ، فيبحث الفرد
يوميا عن الأخبار وهو في داره يتلقاها،وينتج عنها قناعات فردية وسلوك فردي
تحدد مسار حياته فماذا يأكل وماذا يلبس فيلجأ للدعايات للحل، وعندما يخرج
من بيته تتبعه الأخبار التي يتناقلها الناس في المجتمع فيما بينهم ويعلقون
عليها وينتج عنها قناعات تبرز في المجتمع عامة وتكون عندهم سلوك جماعي
إتجاه قضايا مشتركة كأسعار السلع في بلاده والأمن، فكانت المصداقية
بالدرجة الأولى لوسائل الإعلام وما تبثه. فكلهم يصدقون وسائل الإعلام
بمختلف أشكالها وهم يظنون أن هذه الأخبار هم الذين يبحثون عنها ولكنها في
الحقيقة هى التي تبحث عنهم لتجعلهم حملة لفكرتها المخبأة في شكل أخبار
ومعلومات تعمل على تحضيرهم المسبق لتكوين قناعات لم يختارونها بمحض
إرادتهم. وتصل لدرجة التحكم في السلوك الفردي والجماعي فما هى الأساليب
التي يتبعها الإعلام ليتحكم بسلوك الفرد والجماعة؟
هى حقيقة برمجة
الإنسان لعدم إستخدام عقله وبدأت من مدة طويلة جدا منذ بداية العالم
ويفعلون ذلك بالتأثير في مشاعر الناس سرا، وهم يعوِّلون كثيرا على الغرائز
الثلاث وهى:
التدين
والنوع
والبقاء

فكما نعلم أن الإنسان
بطبعه كسول يحب الراحة وملول يبحث عن الإئارة ويشعر بالعجز والنقص ويحتاج
لمن يوجهه ويبحث له عن قدوة يثق بها ويسير على خطاها،وعنده مشاكل ويريد
حلها حلا سريعا لا يأخذ منه وقتا طويلا، وأناني يحب لنفسه الخير ولا يبالي
بمن حوله وينافس ويتطلع للسلطة والنفوذ ويخاف من المجهول ومما يخاف منه
عامة الناس، ويريد الحب والإهتمام والرعاية ممن حوله وكل هذا يدفعه الى
سلوكيات لإشباع هذه الإحتياجات والتي بدون إشباعها يصبح الفرد غير مستقر
وغير سعيد. وهذه المتطلبات تطفو كأفكار ومشاعر في المجتمع الذي يقبل لهثه
وراء إشباع هذه الغرائز. وما كان من الإعلام إلا أن أصبح القدوة والراعي
والمحب والمهتم وبائع الأحلام والهوى والمشجع والمحرك والدال على طرق
إشباع هذه الغرائز وتنحرف به في مسار حياته الفردية وكجزء من مجتمع . أى
أخذ دور العقل والتفكير فأصبح يفكر ويقرر ويحلل بالنيابة عن الأفراد ويقوم
الإعلام بإستخدام أساليب كثيرة لبرمجة عقل الإنسان والتحكم فيه وتخديره
وهذا ما يعرف بالبروباجاندا (propaganda ) التي هدفها التأثير على الرأي
العام والتحكم بالسلوك الجماعي.

والبروباجندا هى صلب موضوع اللقاء
الدراسي اليوم وهى تستخدم أساليب مقنعة من قبل سياسيون واعلانيون وصحافيون
وشخصيات مشهورة ممن يريدون التأثير على السلوك البشري. والرسائل
البروباجاندية تستطيع ان تحرز نتائج بناءة كالدعايات التي تدعو الى الحفاظ
على الصلاة ( أقم صلاتك قبل مماتك) أو أن تكون سبب للفوز في انتخابات
رئاسية أو أن ترفع مبيعات السجائر والخمر. ففي يوم واحد تنهمر علينا ألاف
الرسائل المقنعة والتي لا تقنعنا بالمحاججة والنقاش بل تقنعنا بالتلاعب
بمشاعرنا وتضليلها برموز مزيفة وتلهينا عن قضايانا المصيرية.
ومع
تطور وسائل الإعلام مثل الإنترنت اكتسحت الرسائل المقنعة العالم وازدادت
كيفية التأثير على كم هائل من الناس في نفس الوقت، ازدياد مذهل . وهذه
الثورة المعلوماتية نتج عنها انفجار معلوماتي وأصبح الناس مواجهون بآلاف
الرسائل يوميا وأصبح عليهم أن يهضموا هذه الرسائل ويعالجوها أسرع وبعدها
لا وقت لديهم للمزيد فالأسهل أن يختصروها بقبولها فورا وبدون التفكير فيها.
والبروباجانديون
يحبون الإختصار وبالذات الذي ينتج عنه عدم التفكير، فهم يحرضون عدم
التفكير بإثارة المشاعر وإستغلال الشعور بعدم الأمان والنقص، متلاعبون
بالألفاظ ومعانيها المشتركة متغاضين عن قوانين العقل وعن الواقع. وقد
نجحوا نجاح باهر.


أكثر الأساليب إستخداما:

أولا :

أهم
هذه الأساليب تكرار وإعادة الفكرة التي يراد إيصالها بأسلوب بسيط ومؤثر
يسهل حفظها كالإعلانات التجارية والبرامج الحوارية التي تتناقل نفس
الموضوع في نفس الوقت على قنوات مختلفة
*************
ثانئا :

التلاعب بالألفاظ،
ومنها :
1- ربط كلمة بشعة إلى فئة من الناس أو إلى فكرة معينة من دون الرجوع إلى أدلة أو مصدر هذه الكلمة.
مثل كلمة إرهابي ومتطرف تربط إلى المسلم أو الجهاد إلى الحروب الصليبية الدموية

2-
التعميم بمعني لامع يكون معناه متغير بحسب فهم المتلقي له وهذا المعني
يختلف من كل إنسان الى أخر ويختلف معناه بحسب الموقف بدون البحث في واقع
هذا التعميم
مثال الوسطية والتسامح وقبول الرأي الأخر وحوار الأديان
وحقوق الإنسان والديموقراطية والشورى ومعنى الأمومة والعلم وتحرير الشعوب
من العبودية،
والتحضر والعولمة

مثال : عندما خرج إلينا الشيخ عائض القرني بأن الحج أعظم ديموقراطية في العالم فماذا يقصد ؟ كل واحد يفهم هذه الجملة على هواه.

وفي الحالتين يبحث البروباجانديون على تأجيج المشاعر بكلمات تتعدد معانيها. أما في الحالة التالية يبحثون على كبت المشاعر،

3 - تجميل الواقع البشع وتلطيفه للقبول به،من خلال إخماد هذه المشاعر
مثال : استخدام كلمات تحرير العراق بدلا عن الاحتلال الأمريكي

****************
ثالثا :

تزييف مصدر الفكرة الأصلي وربطها الى مصدر يحدده الإعلام
ومنها:
1-تحويل
الثقة أو السلطات والحرمات من مكانها الطبيعي وربطها بسلطة أخري لمصلحة
المؤسسات والأفراد مثال ذلك إقرار الأزهر الشريف وعلمائه بعملية السلام مع
إسرائيل وبهذا يقبل المسلمون السلام مع إسرائيل ولم يكن ليقبلوه لولا قبله
"العلماء الأجلاء",
ومثال تلاوة آيات من القرآن الكريم قبل اتفاقيات خائنة لله ولرسوله عليه أفضل الصلاة والسلام.
تقديم الولاء للوطن بدلا عن الله عز وجل والقوانين العلمانية بدلا عن الأحكام الشرعية.
2 - تقديم الشهادات من مختصين ومشاهير
مثال تزكية طبيب الأسنان لمعجون أسنان معين
وملكة الأردن تهتم بالأعمال الخيرية
وممثل او مغني مشهور يشرب البيبسي

***************
رابعا :

التقرب إلى المتلقي
ومنها:
1- بإستخدام كلمات عامة يفهمها عامة الناس وتشعرهم بالألفة وهذا أسلوب الدعايات والساسة.
مثال: الرئيس الأمريكي أب رائع لأطفاله والكل يحترم الوالد الرائع.
خروج الشيخ القرضاوي علينا بمذكراته أو الدعاة الجدد .

2
- حشد اكبر كمية من الناس للمشاركة في حملته من خلال تحريك مشاعر وروابط
مشتركة حتى يصبح المتلقي هو المروج لفكرة الإعلام، وهو الذي يدفع الآخرين
للترويج لها ويصبح " كل الناس يفعلونها و يجب أن تفعلها انت ايضا."
مثال الدعوة الى الوطنيات والقوميات من خلال مهرجانات حاشدة وتحفيز الجميع للمشاركة بغناء النشيد الوطني.
مثال برنامج ستار أكاديمي
والحجاب النفخة الموضة

3 - التخويف
وهو التلاعب بمخاوف الناس للوصول إلي الهدف،
مثال:
المسلمون متعطشون للدماء ( للتنفير من الإسلام )
و الجنوبيون حاقدون على الشماليون لدرجة القتل ( دعوة لإنفصال الجنوب عن الشمال ) كما عندنا في السودان
ومن يتحدث في السياسة عليه العوض
إيران تمتلك أسلحة نووية

******************
خامسا :

التلاعب بالمنطق

ومنها :
1- هي عمليات منطقية مضللة مقصودة لترويج مفهوم معين عند البروباجانديون
مثال :المسلم يؤمن بالله عز وجل
والمسيحي يؤمن بالله عز وجل
فبالتالي المسلم و المسيحي مؤمنون لا فرق بينهم

دعاة السلام ملائكة،
جنود الأمم المتحدة دعاة سلام ،
إذا جنود الأمم المتحدة ملائكة

2- إستخدام التنبؤات المستقبلية وتضخيمها بناء على معلومات منطقية بسيطة
مثال الخلافة الراشدة إذا عادت عاد معها التخلف والحكم العثماني الظالم
إذا خرج الجيش الأمريكي من العراق ستحدث حروب أهلية تؤدي إلى حروب في المنطقة بأكملها

وهذه التنبؤات لا يستطيع المتلقي نفيها أو مناقشتها لأنها في علم الغيب

الخاتمة :
يبتدع
الإعلاميون والبروباجانديون أساليب جديدة كل يوم ويتجرأون في زيادة التحكم
على الفرد والمجتمع لتمرير سياسات من يدفع لهم من الأنظمة الحاكمة الفاسدة
ويهمشون عقل الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى به ويأججون الغرائز
ويبالغون في تأثيرهم على الناس حتى حولوهم إلى كائنات لا تفكر بل تتصرف
على غير هدى ولا تعرف ما تريد في هذه الحياة وتتنتظر من الإعلام أن
يقررعنها ويوجهها وتقبل بما يقرره كأنه حق مطلق ففقدت الإحساس بعدما فقدت
التفكير وإنجرفت إلى الهاوية وأصبحت كالقطيع يقودها الإعلام ومن ورائه
حيثما شاء ، وينتج عنهم مفكرون وثقافيون وباحثون منحرفون وفي الواقع
الفاسد يعمهون وإنقلبت الموازين، وكلمة محظورةيادة عملية التلقين التي يتلقاها
أولادنا من سن ثلاث سنوات ، من التلفزيون والإنترنت والمناهج التعليمية،
التي تريد قتل عقولهم وقلوبهم وهم لا يفقهون.

اذا كانت هناك اضافات الرجاء ارسالها كى نوضح للناس حقيقه الاعلام

مشكور على هذه المعلومات